اسم
الكتاب: الاجتهـاد المقصدي عند
الأئمة المجددين
العنوان
الفرعي: من خلال مراعاتهم لقصد
المكلف وأثر ذلك في استنباط الأحكام وتنزيلها
المؤلف:
البشير القنديلي / كاتب من المغرب
سلسلة:
دراسات شرعية
عدد
الصفحات: ٢٦٨ صفحة
إن
الله جعل في نصوص الخطاب الشرعي القابلية للملاءمة مع الأزمنة والأمكنة، وللتوافق
الشرعي مع من يعيش فيها من أجناس مهما تغيرت ظروفهم وأحوالهم وأعرافهم وعوائدهم،
وهذا التغير يتطلب بالتأكيد أحكاما وترتيبات، تتناسب مع طبيعة الزمان والمكان
والإنسان.
وإن
من الأمور المساعدة على إنضاج
الفقه وتطويره على أسس راسخة، ودعائم متينة؛ عكوف المجتهدين على استنباط العلل، إذ
بناءً عليها يتسنى القياس، وتعدية الأحكام من الأصول إلى الفروع، بل إلى الوقائع
اللامتناهية، فالتخريج واستنباط العلل هو المدخل للوصول إلى غايات الشريعة
ومقاصدها، وإدراكُ المرامي والغايات هو الحارس للنصوص من أن يُستباح حماها إما
بالجمود على ظواهرها - في جميع الأحوال - أو تقصيدها بغير بيّنات وقبل الاستقراء
والتتبع؛ لأن نفي التعليل بإطلاق، أو التسرع في القطع بعِليّة حكم أو مجموعة
أحكام، موقع بلا ريب في الزلل أثناء الاستنباط، وعند التنزيل من باب أولى وأحرى.
والتريث والتأني، والتتبع والاستقصاء هو المورد الصعب، لكنه محمود الغِبّ، جارٍ
على السَّنن القويم، إذ هو الملاذ الذي لجأ إليه الجهابدة الراسخون، وبه استطاعوا
إدارة النصوص على مقاصدها، وتنزيلها على محالّها.
من هنا جاءت أهمية هذه الأطروحة الأكاديمية، التي تصدر
عن مركز نماء، ليبين الباحث من خلالها أن الأحكام
تتعدى وتطّرد بالتنقير على المقاصد الحقة لا المُتوهمة، وبالبحث عن الغايات
الشرعية، لا اتباع الأهواء والبواعث النفسية. وأن هذا هو السبيل إلى التجديد
واستنباط الأحكام لما يُمكن أن يستجدّ ويطرأ من أقضية ونوازل.
ويرى البحث أن المدارس الفقهية المختلفة وروادها
المجددون امتازوا بالقدرة على استنباط
العلل، ومن ثم توسيع دائرة أصول الاستدلال؛ حتى أضحت شجرة وارفة الظلال، يتفيؤها
من أعنَتَهُ صهْد الجمود على ظواهر النصوص - وإن لم يكن الظاهر مقصودا - واستبعادِ
بواعث المكلفين ومقاصدهم من تصرفاتهم، وأرهقهُ حرّ التحلل من ربقة العبودية وتجاوز
مقتضيات الخطاب الشرعي، بتقصيد النصوص بغير أدلة، وتعليل الأحكام بغير أزِمَّة.