يُشكِّل موضوع «فهم السَّلف» مادة دسمة للبحث العلمي، وميدانًا خصبًا للمدارسة بين أهل الاختصاص، إذ إن من الأكثر الموضوعات التي شغلت الباحثين واستفزَّت أقلامهم وقرائحهم؛ هو موضوع «النَّص الشـرعي» وما يَتَعَلَّق به من توظيف وفهم وتأويل، فهذه القضايا تعد من معارك النَّظر، ومن أهم مواطن الاختلاف بين علماء المسلمين ونظارهم قديمًا وحديثًا.
تأتي في هذا السياق هذه الدراسة، الصادرة عن مركز نماء، يروم من خلالها الباحث الفصل بين الأشخاص والمناهج، مع الاعتراف بفضل السَّابقين ومكانتهم. حيث سعى المؤلف في دراسته لإكمال مسارات خدمة النَّص الشـرعي وقراءة مضامينه وتخليصه من الشوائب التي تعلَّقت به مع مرور الزمن، وهي مهمة ليست باليسيرة، تحتاج للعديد من الإسهامات الجادة، والكثير من المجهود النقدي.
وقد جاء هذا البحث معالجًا ومنتقدًا الإشكاليات التي طرأت على مفهوم «فهم سلف الأمة»، بأسلوب علمي، وبموضوعية حاولت الحفاظ على مصدرية الكتاب والسُّنَّة نقيةً صافية، مع الحفاظ على مكانة اجتهاد السَّلف الصالح مرجعًا منهجيًّا لفهم الكتاب والسُّنَّة في كليات منهجهم وإجماعات أقوالهم، دون آحاد اجتهاداتهم الظنية.