لأن الزمن الذي يعيشنا ونعيشه صار بامتياز زمن الجماهير، حتى توارت سلطة النخب المثقفة تحت وطأة الواقع إلى الدرجة التي تنبأ بها البعض بانتهاء النخبة، فليس ثمة مفر للباحثين في حركة التغيير من أن يتعرفوا على حركة الجماهير وقوانينها وسيكولوجيتها والأدوات التي تؤثر على تفكيرها وتعيد صياغته أو حتى تصنعه من جديد بين حين وآخر. ولأن الإعلام لم يعد أداة لنقل صورة المجتمع وأحداثه – وحسب – بل أصبح أداة لصناعته وتوجيهه ومحاولة التحكم والسيطرة على تفكيره من خلال ثقافة الصورة، والمشهد، وصناعة الخبر. يأتي هذا الكتاب من مركز نماء، والذي يقدم فيه مؤلفه عرضا لعدة مقاربات تحليلية ممثلة في عدد من النظريات والرؤى حول الجماهير وطبيعة تفكيرهم وكيفية التأثير فيهم وصناعة وعيهم، حيث يستقرئ نظرية لوبون في إطارها النظري وعن وجوهها التطبيقية عند النازية والفرويدية (هتلر/ فرويد)، ويشرح من خلال الواقع التطبيقي نظرية مدرسة فرانكفورت النقدية ونقدها للواقع والانتقال من الجمهور للفرد، ويعرض لفكرة المجتمع المشهدي عند ديبور وعلاقتها بالواقع ليصل بنا إلى المجتمع المعاصر وثورة الاتصال والشبكات الاجتماعية وأدوات التحكم والسيطرة