نقد الأديان عند أبي الريحان البيروني(ت440هـ)؛ دراسة تحليلية لإسهاماته ومنهجه في علم مقارنة الأديان

يُنظر إلى البِيروني من خلال هذا البحث كرائد من رواد الدراسة العلمية للأديان، وصاحب السبق المنهجي في تقرير الخطوات والأسس المنهجية الصارمة التي تعلي من شأن الدقة والتحقيق في التعامل مع الأديان والثقافات، والتحلي بروح الموضوعية والحياد في الكتابة عن الآخر. ومن جهة أخرى يعد ّ البِيروني نموذجا للعالم المسلم الذي حافظ على هويته الإسلامية، وأبدع في دراسته للعقائد والأديان الأخرى.

-لقد بيَّنْتُ في هذا البحث أنه لا جدوى من ادعاءات بعض الدارسين الغربيين ومَنْ سار على منوالهم من الباحثين العرب والمسلمين، والذين نسبُوا البِيروني إلى التشيع أو الإسماعيلية حينا، وإلى التأثر بالمانوية حينا آخر، أو التعصب إلى القومية الفارسية وكراهية العرب (كما هو حال المستشرق "ساخو" محقق كتب البِيروني)، بحجة كونهم –أي العرب- هم السبب في تخريب الحضارة الساسانية الفارسية. في مقابل ذلك تصب كل الأدلة والقرائن التي أوردتها في البحث في خانة ترجيح كون البِيروني من علماء السنة المعتزّين بالعقيدة الإسلامية والمناصرين لها، لكنه في الوقت نفسه من البعيدين كل البعد عن التعصب المذهبي والطائفي أو الانغلاق الفكري، كما أنه كان من العلماء الذين دأبوا على مناصرة الحق مهما كان صاحبه أو مصدره. هذا علاوة عن تعلّقه الشديد بالنزعة العقلانية والتفكير الفلسفي.