لأن علم «أصول التفسير» ظل -على أهميته- عَريًّا من أيّ سياج نظري نقدي له نسقه الذي يحكمه، ومنطقه الذي يُقَنِّنُه ويُقَعِّدُه.
ويتنزل هذا الكتاب ضِمْنَ سَعْيٍ مَنْهَجيٍّ للبحث عن خصائصِ علمِ «أصول التفسير» وشروط قيامِهِ، وكيفيّةِ تَقَدُّمِهِ، وتحليلِ لُغَتِهِ العلميةِ، ومعرفةِ مناهجهِ، والتعرّفِ إلى أَخْطَائِهِ وَأَزَمَاتِهِ من خلالِ تَطَوّرِهِ التاريخي، كل ذلك اعتمادً على نظرية النقد الإبستمولوجيّ التي تُعنى أساسًا بنقد مبادئ المَعرفة العلميّة وفرضياتها ونتائجها. فالتفكير الابستيمولوجي هو تَفْكِيرٌ في العلم حال الأزمة -كما يقول «بياجيه»-، وهذه الأزمة تنشأ بسبب أخطاء أو ثغرات في الأنساق والمناهج السَّابقة.
وقد سعى الكتاب لعرض مستويات الإشكال المنهجي في أصول التفسير، على مستوى المفهوم والموضوعات، ثم تصنيف موضوعات أصول التفسير، مع اقتراح ترتيب لها، ثم دلف إلى تتبع أصول التفسير من خلال عناوين التفسير، ومقدمات التفاسير.